بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, أولاً أحييكم بتحية الإسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وأرجو من الله سبحانه وتعالى أن يوفقني في إعطاء معلومات عن بعض البرامج التأهيلية الطبية في علاج وتأهيل الأطفال المعوقين.
نحن نعرف جميعاً أن التأهيل هو وحدة متكاملة ويصعب علينا بشكل كبير أن نفصل ما بين التخصصات المختلفة عندما نحاول أن ننشئ من هذا الطفل المعوق إنساناً نافعاً يستطيع أن يدير حياته بنفسه ولا يعتمد على الآخرين في أداء حاجاته وخصوصاً الحاجات أو المتطلبات اليومية.
وقد تنحو المحاضرة منحاً طبياً ولا أقول علمياً, لكنني بإذن الله سأحاول أن أجعلها سهلة حتى نستطيع أن نوصل أكبر قدر ممكن من المعلومات إلى أذهانكم.
البرامج التأهيلية التي نتطرق إليها في التأهيل مختلفة ومتنوعة, ونسبة كبيرة من الأطفال المعوقين منشأ إعاقتهم في الغالب أسباب مرضية أو إصابات في الجهاز العصبي, فالجهاز العصبي هو الجهاز الذي يؤثر على جميع أنحاء الجسم, كما يتعامل بشكل كبير مع جميع أجهزة الجسم المختلفة, وبالتالي فإن أي ضرر أو إصابة تصيب هذا الجهاز ستؤثر على بعض الأجهزة الأخرى المرتبطة به, والجهاز العصبي من الأجهزة التي لا شفاء من إصابتها إلا بإذن الله, فلا يوجد حسب علمي حتى الآن علاج محدد بإمكانه أن يبرئ المصاب إصابة يتعرض لها الجهاز العصبي, وعندما نتكلم عن الجهاز العصبي فإننا نتكلم بشكل رئيسي عن المخ والحبل الشوكي, فالجهاز العصبي بمجمله يتكون من قسمين رئيسيين:
القسم الأول: الجهاز العصبي المركزي.
القسم الثاني: الجهاز العصبي الطرفي.
الجهاز العصبي المركزي يتكون من:
• المخ: الموجود في داخل الجمجمة.
• الحبل الشوكي: الموجود في داخل القناة التي تتصل بالفقرات العظمية الموجودة في الظهر.
الجهاز العصبي الطرفي: دوره الرئيسي هو توصيل المعلومات من الجهاز العصبي المركزي إلى أجزاء الجسم المختلفة, فالحركة والكلام والنظر كل هذه عبارة عن أنشطة للجسم مبدأها الرئيسي هو مدى قدرة الإنسان على التحكم فيها والتعامل معها بشكل طبيعي وأساسي يتم في داخل الجهاز العصبي.
وسأتكلم بشكل موجز عن الجهاز العصبي ثم بعد ذلك أنتقل إلى البرامج التأهيلية التي يإمكانها أن تفيد الأطفال المعوقين تأهيلاً طبياً.
المخ في جسم الإنسان هو المكون الرئيسي للتفاعلات والأنشطة التي تحدث في الجهاز العصبي ويأتي بعده دور الحبل الشوكي, فمصادر المعلومات التي ترد للجسم تحلل داخل الحبل الشوكي والمخ ثم بعد ذلك تصدر الأوامر من هذا الجهاز إلى أطراف الجسم للتعامل مع أي إشارة حسية تأتي للجسم سواء كانت عن طريق اللمس أو عن طريق البصر أو عن طريق السمع فهذه تعتبر المصادر الرئيسية في توصيل المعلومات الحسية وبالتالي تتعامل مع المحيط الخارجي للجسم.
الحبل الشوكي مستوى تعامله مع هذه الإشارة الحسية يقل بشكل كبير عن المخ, غير أن الحبل الشوكي لو حدثت له إصابة فسيكون لها تأثير على هذه الإشارات الحسية الواردة, فإصابات الحبل الشوكي يمكن أن تؤدي إلى شلل نصفي يجعل الشخص معوقاً ويصبح مشلولاً شللاً سفلياً نتيجة لإصابة الحبل الشوكي، ومستوى الشلل يتفاوت بحسب وجود الإصابة, فإذا كانت الإصابة موجودة في الجزء العلوي من الحبل الشوكي يصبح الإنسان مشلولاً في معظم أطراف الجسم, وإذا كانت الإصابة في أسفل الحبل الشوكي فقد يقل مستوى الإصابة بالشلل.
إذن فالتعامل مع الإشارات الحسية وكذلك إعطاء الإشارات الحركية منبعه الرئيسي الجهاز العصبي المركزي وبالذات المخ, ولذلك فإن التعامل مع الأطفال المعوقين يتم بناء على ما هو موجود في الجهاز العصبي المركزي لهؤلاء الأطفال حتى يتم الوصول إلى أفضل نتيجة ممكنه في تأهيلهم وإعطائهم القدرة على الاستفادة مما تبقى لديهم من إمكانات لكي يستفيدوا منها في التعامل في حياتهم المستقبلية, وخصوصاً الأطفال الذين قد يولدون بعاهات مستديمة في أجسامهم نتيجة لإصابة الحبل الشوكي بأمراض مثل ما يسمى بمرض (أسبانيا فيد) أو ما يسمى بشلل الأطفال؛ نتيجة لضمور في خلايا المخ.
إذن الجهاز العصبي مع الإشارات الحسية التي تأتي للجسم وكذلك أيضاً إصدار الإشارات الحركية نستطيع أن نحددها بثلاث مستويات رئيسية:
المستوى الأول: مستوى الحبل الشوكي.
المستوى الثاني: مستوى أعلى من الحبل الشوكي ويسمى بمتوسط المخ.
المستوى الثالث: والأعلى والدقيق هو مستوى المخ, ومن خلاله يستطيع الإنسان أن يؤدي حركاته الإرادية ويتعامل مع الآخرين, كما يستطيع أن يتكلم ويعبر عما يجول بداخله ويتفاعل مع الآخرين ومع الأصوات ومع ما يراه من أشياء متحركة, كل الإشارات الحسية التي تصل إلى الجسم يتم تحليلها وإعطاء أوامر بخصوصها في داخل المخ.
أما بالنسبة للحبل الشوكي وما يسمى بمتوسط المخ فإن هذين الجهازين في الغالب يتحكمان في الأشياء الداخلية للجسم كمعدل نبضات القلب والتنفس وضغط الدم ودرجة الجسم, والإنسان ينام ولكن يبقى جسمه نشيطاً وحياً نتيجة لوجود هذين الجهازين في جسم الإنسان.
البرامج التأهيلية التي يمكن أن نتطرق إليها بشكل عام وسريع والتي تتعامل مع الجهاز العصبي في غالبها يكون الهدف الرئيسي من استخدامها في تأهيل المعوقين هو الاستفادة مما تبقى لديهم من أجزاء أو خلايا في المخ أو بعض الأجزاء الأخرى الداخلية في الجهاز العصبي المركزي، قد نجد أحياناً في بعض الأطفال المعوقين أن الجزء الذي يتعامل في المخ مع النطق قد يكون مصاباً وبالتالي لا يستطيع الطفل أن يتكلم أو يعبر بكلمات واضحة ومفهومة، لكن نستطيع أن نحدد أن هذا الطفل لديه القدرة على أن يعبر ببعض الكلمات وإن كانت كلمات غير مفهومة، فنحاول دائماً أن نوجه هذه القدرة للطفل على إخراج بعض الأصوات أو إخراج بعض الحروف بطريقة سلسة ومفهومة لكي نحفز أجزاء من المخ على التعامل مع هذه الحروف وبالتالي نصل في نهاية المسار إلى أن نمكن الطفل من التكلم ولو ببعض الكلمات التي يستطيع أن يتعامل مع الآخرين من خلالها.
دورنا في كلية العلوم الطبية أو في قسم التأهيل الصحي هو في الغالب التعامل مع العوق الحركي بالنسبة للطفل المعوق، وفي الغالب لا نتطرق بشكل كبير لحالات العوق الذهنية أو حالات العوق الأخرى.
حالات العوق الحركية التي نتعامل معها مع الأطفال هي في الغالب حالات عوق شلل الأطفال التي تصيب نسبة كبيرة، والحمد لله أنها أصبحت الآن في تناقص مستمر وكبير جداً، لكن كثيراً من هؤلاء الأطفال قد تحدُّ حالات العوق لديهم من التعامل مع الآخرين أو الحصول على نفس القدرة بالنسبة للآخرين في الوصول مثلاً إلى قضاء حاجاتهم اليومية بشكل طبيعي أو الدخول في المدارس العادية أو مع الأطفال الأسوياء، دورنا نحن يتمثل في تأهيل هؤلاء الأطفال وجعلهم قادرين على الاعتماد على أنفسهم.
بالنسبة لحالات شلل الأطفال هناك العديد من البرامج التأهيلية التي بإمكاننا أن نقدمها لهم، ومن ثم الوصول إلى درجة متقدمة من القدرة على استفادتهم مما تبقى من أجزاء في الجهاز العصبي المركزي.
نركز أولاً على تحديد شدة العجز عند الطفل، وعندما نحدد مستوى شدة العجز لدى الطفل نستطيع أن نضع برنامجاً متكاملاً أو طويل الأمد، كما نستطيع أن نضعه على مراحل مختلفة، وفي النهاية نحدد الهدف الذي نسعى إليه من هذا البرنامج التأهيلي، ويجب أن ندرك أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال جعل الطفل المشلول قادراً إلا بإذن الله على استعادة كامل حركته بشكل طبيعي، فقد تحدث بعض الاستثناءات بكل تأكيد إلا أنه في الغالب يبقى العجز، غير أننا نحاول أن نقلل من هذا العجز بأكبر قدر ممكن بحيث يستطيع هذا الطفل أن يعتمد على نفسه في أداء حركاته اليومية.
وعندما نحدد مستوى العجز لدى الطفل نبدأ في وضع البرنامج التأهيلي أو في بناء البرنامج التأهيلي، وينقسم في الغالب إلى قسمين نتيجة لوجود الجهاز العصبي، فالجهاز العصبي نستطيع تقسيمه من الناحية الوظيفية إلى قسمين:
1- قسم حسي.
2- قسم حركي.
والقسم الحسي هو ما يأتي إلى المخ من معلومات سواء كانت من داخل الجسم أو من المحيط الخارجي للجسم، وطريق وصول هذه الإشارات الحسية للجسم لها عدة مسارات، إما أن تكون عن طريق اللمس وهذا يتم من خلال الجلد، أو عن طريق البصر أو من خلال السمع، فهذه تقريباً الطرق الثلاثة الرئيسية التي توفر المعلومات الحسية لدى الطفل أو لدى الإنسان بالإضافة إلى بعض الأجزاء الموجودة في داخل الجسم، ومن خلالها يستطيع الجهاز العصبي المركزي أن يعرف حالة وضع الجسم الداخلية، ولا أريد أن أدخل في تفاصيل هذا الموضوع وإنما أحاول أن أركز على الأشياء الخارجية التي يستطيع المعلم أو واضع البرنامج التأهيلي أن يتعامل من خلالها مع الطفل المعوق.
إذن هذه هي المسارات الرئيسية التي توصل الإشارات الحسية للطفل أو للجهاز العصبي في الطفل.
بعد ذلك تبدأ عملية التعامل مع هذه الإشارات، فإذا كان هناك إصابة لدى الطفل ففي الغالب يكون هذا التعامل غير طبيعيي، ومن هنا تصدر حركات غير طبيعية من الطفل تظهر على شكل حركات أو انفعالات أو تصرفات تعرف بأنها غير طبيعية.
بالنسبة للأطفال الذين يصابون بعوق حركي تظهر لديهم في الغالب بعض التشنجات العضلية نتيجة لزيادة في نشاط الجهاز العصبي، وبالتالي تكون هذه التشنجات العضلية هي معوقات لحركة الطفل أو لحركة أطراف الطفل، وبناء على ذلك يكون وضع البرنامج التأهيلي لهذا الطفل يتم من خلال تقليل هذا النشاط العضلي ومن ثم تحدث قدرة الطفل على الاستفادة مما يسمى بحركة الأطراف في أداء بعض الوظائف الحيوية بالنسبة له.
العملية التأهيلية التي نسعى إليها هي إيجاد برنامج يسمى بالتناغم الحسي الحركي، وهو قدرة المعالج على التنسيق ما بين الإشارات الحسية التي تصل للطفل وما بين ردة الفعل الحركية التي تصدر عن الطفل، وعندما نستطيع أن نحدد مستوى قدرة الطفل على وجود هذا التناغم الحسي الحركي نستطيع من خلاله وضع برنامج يمكن للطفل من خلاله أن يقيم أداء حركاته كما يمكن أن يستعيد جزءاً كبيراً من الوظائف المفقودة بسبب القصور في الجهاز العصبي المركزي.
كثير من الأطفال المعوقين قد يصابون بعجز مثلاً في المشي، وأهم المعوقات الرئيسية هي عدم قدرة الطفل على التوازن أثناء الوقوف، فالقدرة على التوازن تعتبر بالنسبة للمعالج الهدف الأول في جعل هذا الطفل قادراً على المشي وخصوصاً في الخطوات الأولى، والقدرة على التوازن عملية معقدة نوعاً ما، لكنها أيضاً تدخل ضمن ما يسمى ببرنامج التناغم الحسي الوظيفي، حيث أن الطفل يجمع المعلومات الحسية التي يراها عن طريق البصر، وكذلك أيضاً التي يلمسها عن طريق الأقدام بالإضافة إلى ما يسمى بجهاز التوازن الموجود في الأذن الداخلية، وهو جهاز يحدد أو يعطي الشخص السليم الطبيعي القدرة على أن يعرف وضعه هل هو قائم أم جالس أم مستلق، هذه كلها أوضاع نستطيع من خلالها أن نحدد أوضاع أجسامنا، والذي يحددها هو قدرتنا على الحصول على هذه المعلومات وبالتالي التعامل معها بشكل طبيعي، فنجد أن أهم الأشياء التي نسعى إليها بالنسبة للطفل المعوق في بداية التعامل معه هي محاولة إعطاءه القدرة على الوقوف وكذلك المحافظة على التوازن أيضاً قد يعوق هذه الحركة أو هذه الوظيفة بعض التشنجات العضلية التي يمكن أن تحدث لأطراف الجسم، ولا بد من وضع برنامج محدد متخصص نقلل من خلاله التشنجات العضلية التي هي عبارة عن نشاط زائد عن المعدل الطبيعي لهذه العضلات ومن ثم لا يستطيع الفرد الاستفادة من هذا النشاط بالصورة الطبيعية أو بالشكل الوظيفي الذي يمكن من خلاله أن يوظفه في خدمته سواء كانت في المشي أو في بعض الأداء للحركات العادية مثل الأكل أو الشرب أو حركة اليد في الكتابة مثلاً أو التألم، وكل هذه التشنجات العضلية قد تسبب معوقات رئيسية للطفل نتيجة لوجود هذه التشنجات العضلية، فكثير من البرامج التأهيلية التي يمكن أن نقدمها للطفل هي في تخفيف هذه التشنجات العضلية.
تخفيف التشنجات العضلية له عدة طرق، إما أن تكون طرقاً دوائية من خلالها يمكن أن يحقن الطفل ببعض المركبات أو ببعض الأدوية وبالتالي تخفف هذه الأدوية من شدة التشنجات لدى الطفل، أو من خلال بعض التمارين العلاجية التي يمكن أن تعطى للطفل ويستمر فيها لفترة معينة حتى يزول أو يقل هذا التشنج العضلي.
في المقابل هناك بعض المعوقات الحركية التي تنتج عن ضمور العضلات وهي في الغالب سبب يختلف مصدره حيث يمكن أن يكون مصدره العضلات نفسها أو الأعصاب الموصلة لهذه العضلات أو أن يكون مصدره الجهاز العصبي المركزي أو خلل في الجهاز العصبي المركزي، وتحديد مكان وجود الإصابة يمكن أن يحدد البرنامج التأهيلي الذي يمكن تقديمه لهذا الطفل، بعض الحالات التي تصاب بضمور العضلات قد يكون الدور الرئيسي هو المحافظة على ما تبقى من هذه العضلة، وبعض أنواع ضمور العضلات قد تعطينا القدرة على أن نجعل الطفل يستعيد كامل القدرة في عضلاته ومن ثم عودة العضلة إلى وضعها الطبيعي، ولابد من وجود برنامج علاجي أو تأهيلي يلتحق به الطفل حتى نتمكن من إرجاعه إلى وضعه الطبيعي أو إبقاءه في وضعه الحالي؛ حتى لا تتدهور الصحة أو درجة ضمور هذه العضلات.
هناك الكثير من البرامج العلاجية، ويمكن أن توضع هذه البرامج من ضمن المهام الحياتية والوظائف اليومية التي يقوم بها الطفل، مثل وضع بعض الألعاب الخفيفة للطفل، فهذا قد يكون مساعداً مهماً جداً في تنمية بعض القدرات أو المهارات بالنسبة للأصابع، وهو قد يلهو بهذه الألعاب غير أن المعالج يسعى إلى الهدف الرئيسي مع هذه الألعاب وهو جعل الطفل قادراً على تقوية عضلات الأطراف وأداء الوظائف المهمة مثل مسك القلم والأكل، فهذه تعتبر من الوظائف الحيوية الهامة بالنسبة للطفل وتشغل حيزاً كبيراً من اهتمام المعالج التأهيلي في تنمية قدرات هذا الطفل.
التمارين العلاجية التي نقدمها للأطفال لها عدة مسارات تتمثل في:
1- العلاج عن طريق التمرينات الرياضية.
2- العلاج الذي يتم خلال وجود المريض في الماء.
3- بعض العلاجات التي استحدثت أخيراً وهي العلاجات الكهربائية واستخدام أشعة الليزر وأشعة الموجات تحت الضوئية، وتستعمل في تخفيف بعض الإصابات التي يمكن أن تصيب عضلات الجسم.
عضلات الجسم تعتبر المحرك الرئيسي لأطراف الجسم، ومن ثم فالتعامل معها لابد أن يكون تعاملاً واضحاً وتعاملاً مرسوماً حتى لا نسبب أي خلل لأطراف الجسم باستخدام مثل هذه التجهيزات أو هذه الأجهزة العلاجية وخصوصاً الأجهزة الكهربائية فهي إذا لم يحسن استخدامها يمكن أن تسبب ضرراً كبيراً جداً لأطراف الجسم وقد تسبب أحياناً إصابات مستديمة للجهاز العصبي.
العلاج المائي الذي يمكن أن يستخدم للأطفال هو في الغالب تخفيف تأثير الجاذبية الأرضية على الطفل لجعل حرية القدرة على تحريك أطرافه أكثر سهولة ويسر، ومن ثم بإمكاننا أن نجعل الطفل قادراً على أن يؤدي بعض الحركات التي لا يستطيع أن يؤديها لو كان خارج الماء، فهذه من الأشياء التي نسعى إليها في بعض البرامج العلاجية التي تقدم من خلال المسابح أو ما يسمى بالعلاج المائي.
كل هذه البرامج تخضع للبرنامج الرئيسي وهو التناغم الحسي الوظيفي وهو تحديد قدرة الشخص على التعامل مع الإشارات الحسية وفي نفس الوقت أيضاً قدرته على أداء الحركات الإرادية الناتجة عن الاستجابة لهذه المؤثرات الحسية.
البرامج العلاجية أحياناً قد تكون برامج فردية أو تكون برامج جماعية، وننصح دائماً أن يكون كثير من البرامج العلاجية التي كانت تقدم سابقاً كبرامج علاجية فردية أن تقدم كبرامج علاجية جماعية، أولاً لإزالة العزلة التي يشعر بها الطفل المعوق كطفل يشعر أنه يتعامل مع نوعية معينة من العوق، وبالتالي لا يستطيع أن يحسن التعامل مع الآخرين في الأمور الحياتية اليومية، ولذلك لابد من وجود بعض البرامج العلاجية الجماعية التي تسهل دمج الأطفال مع بعضهم البعض، وبالتالي يسهل دمجهم في المجتمع بعد الانتهاء من البرامج العلاجية التي يمكن أن يخضعوا لها في بعض المراكز المتخصصة والتي قد تكون نوعاً ما ذات عزلة عن المراكز التي يردها الأطفال الأسوياء، ولن ندخل في تفاصيل هذه البرامج العلاجية التي تقدم بشكل جماعي أو التي تقدم بشكل فردي، وإنما أحاول أن أوضح أن العلاج الطبي أو التأهيلي الذي يقدم في الأقسام التأهيلية ينحو هذا المنحى الآن، وهو أن يقدم برامج علاجية جماعية يمكن أن تقدم للأطفال على شكل مجموعات، وكذلك هناك برامج علاجية فردية تعطى للطفل بشكل فردي، والمعالج في الغالب يسعى من هذين الأسلوبين في البرنامج التأهيلي إلى تحديد قدرة الطفل على التفاعل مع المؤثرات الخارجية التي يتعامل معها في حياته اليومية سواء كان مع الأطفال الآخرين أو مع بعض التفاعلات التي تحدث في داخل الجسم.
متى ما حدث التناغم الحسي الوظيفي بالنسبة للجهاز العصبي المركزي في الطفل استطعنا أن نصل بهذا الطفل إلى مستوى نكون من خلاله راضين عن وصول هذا الطفل إليه، وقد يكون في الغالب قادراً على أن يستعيد الوظائف ولو بشكل جزئي من خلاله يستطيع الاعتماد على نفسه في أداء هذه الحركات.
البرامج العلاجية كثيرة، منها ما يسمى بالعلاج الوظيفي وهو استغلال بعض الوظائف التي تعطى للطفل في علاج هذا الطفل وذلك بوضع بعض المجسمات التي تجعل الطفل يتعامل معها ونهدف منها في الغالب إلى التوازن في وضع أسلوب قدرة الطفل على إحداث توازن وحركات الأطراف بشكل طبيعي سواء كانت في الأطراف وحركات الأطراف بشكل طبيعي، سواء كانت في الأطراف السفلية التي تؤدي حركة الجسم أو الأطراف العلوية، وهذه الأطراف يشترك فيها عدد كبير جداً من عضلات الجسم التي يتحكم فيها مراكز مختلفة في الجهاز العصبي المركزي، وعندما تصاب أحد هذه المراكز بإصابة أو بخلل أو بمرض يتأثر المجموع الكلي لوظائف هذه العضلات، ومن ثم فلكي نحصل على دور مهم أو وظيفة مجدية لهذا الفرد لا بد أن يكون هناك تحديد برنامج للتعامل مع مختلف هذه العضلات الموجودة في الأطراف العلوية أو الأطراف السفلية.
عملية التوازن أو إعطاء الطفل القدرة على حفظ توازنه تعتبر مهمة بشكل كبير جداً، لأن الطفل من خلالها يستطيع الانطلاق في أداء بعض الوظائف الأخرى التي تتأثر بشكل كبير بقدرة الطفل على حفظ توازنه أثناء أداء هذه الحركات.
وعملية التوازن تخضع لعملية دقيقة جداً في داخل الجهاز العصبي يسيطر عليها مراكز موجودة في المخ سواء كانت في القشرة المخية التي هي الجزء العلوي من المخ أو في بعض الأجزاء الداخلية للمخ، وبالتالي لا بد من وجود برنامج علاجي محدد نستطيع من خلاله أن نستحث هذه المراكز أو الأجزاء السليمة منها على جعل الطفل قادراً على أن يؤدي هذه الحركات.
هذه المحاضرة تبسيط لدور الجهاز العصبي في استعادة الطفل لبعض القدرات المهنية أو الوظيفية لأن إصابة الجهاز العصبي هي في الغالب إصابة غير مسترجعة، بمعنى أن الفرد لا يستطيع أن يبرأ من هذه الإصابة تماماً إلا بإذن الله، لكن هناك أجزاء كثيرة من المخ بإمكاننا أن نستحثها ونتعامل معها بغرض تغطية بعض العجز أو القصور الذي ينتج عن إصابة بعض أجزاء المخ.
الدكتور: زيد الزامل
منقول للفائدة